الصفحة الرئيسية  متفرّقات

متفرّقات القلم الحر: يريدون لتونس قيصرا مسلما ومدى الحياة!

نشر في  10 فيفري 2016  (10:08)

لم تمض سنة الاّ وقد ندم التونسيون على من أخطؤوا في انتخابهم لحكمهم، ومع ذلك مازال بعض من التونسيين يحلمون ويتظاهرون ويدّعون أن الديمقراطية كافرة وفاسدة وان تونس لا يصلح لها الاّ ما قد حصل في قبيلة قريش بعد وفاة الرسول ے حين اختارالنافذون وهم قلّة مبايعة أحدهم لتولي خلافة الرسول ے سياسيا بعد موته واكراه المسلمين على تزكية اختيارهم ومن يعارض ذلك يقع تفكيره وتجريمه.
مبايعة الخليفة تتضمّن اطلاق يده في الانفراد بكل السلطات ليجمع بين السياسي والتشريعي والقضاء والمال وذلك مدى الحياة لا يحاسبه أحد والاّ عدّ مارقا أو كافرا باعتبارالخليفة يمثل الله عبر نيابته للرسول..
تلك أسطورة سياسية من عهد الأسلاف وقع تدوينها وأسلمتها ومن ذلك صنّعت القوى المستعمرة لبلدان العرب والمسلمين في العصرالحديث، ايديولوجيا أسلمة المسلمين لتوظيف الاسلام سياسيا ضد التقدم وضد الديمقراطية والتطور والعلم والفن، منذ ان ألغى أتاتورك منصب الخليفة في تركيا عام 1922، فكان تبنّي حسن البنا ثم لاحقا حزب التحرير بتأثير بريطاني لفكرة استعادة نظام الخليفة كحاكم للمسلمين وفقا لفقه فقهاء المسلمين الذي وصفوه من عنده بالشّريعة الاسلامية وهكذا ولد الاسلام المسيّس الداعي لنظام حكم شمولي ينفرد به قيصر مسلم.
لقد فشل 114 خليفة او قيصرا مسلما او طاغية في كل تاريخ المسلمين في أن يحقق المسلمون  ما حقّقه غير المسلمين من تقدّم وتطور وتعايش وأمن وتنمية وحضارة وذلك الفشل يعود اساسا الى فساد وتخلف وشمولية نظام حكم القيصر المسلم، وحيث ليس للسياسة كفنّ وكعلم وكمارسة اية صلة بالدين في كل التاريخ وكل الدول، فإنّ المسلمين يمكنهم ممارسة اسلامهم كأفراد وبحرية، ولكن بمعزل أو باستقلال عن ممارستهم لانسانيتهم كبشر، ولمواطنتهم في دولتهم كتونسيين في هذا الزمن، بمعايير وقيم ونظم وقوانين غير تلك التي كانت لقريش، ويبقى دعاة نظام الخليفة المستبد والشمولي مجرد ضحايا تثقيف سطحي ومغلوط وهامشي، فهم يجهلون العلوم والفنون وتطور وكونية الحضارة  الراهنة كجهلهم للاسلام والاديان، وهذا ما تفسّره عداوتهم لنظام الجمهورية والانتخاب والديمقراطية والسيادة للانسان على الطبيعة، وللشعب في الحكم.

بقلم: عفيف البوني